Last Question
ظهرت العديد من النّماذج البنائيّة والّتي تعدّ بمثابة ترجمةٍ تطبيقيّة للنّظريّة البنائيّة وتصورها
للمنهج وعناصره, إلاّ أنّها جميعها تركّز على بناء المعرفة من قبل المتعلّم. ويعدّ استخدام أفكار النّظريّة البنائيّة في غرفة الصّفّ من التّطورات الحديثة في التّدريس, حيث أصبح تطبيقها في الدّول المتقدّمة أساساً للتّعلّم والتّعليم الصّفيّ. وتتعدّد نماذج التّدريس القائمة على النّظريّة البنائيّة منها دورة التّعلّم الخماسيّة .
1. دورة التّعلّم:
تعدّ طريقة دورة التّعلّم من الطّرائق التّدريسيّة المهمّة في تدريس العلوم, وإحدى طرائق التّعليم القائمة على النّظريّة البنائيّة. وتستمد إطارها النّظريّ من أفكار بياجيه في الّنّمو المعرفيّ, الّتي تؤكّد على أنّ المتعلّمين يتعلّمون من خلال مشاركتهم الفاعلة ونشاطهم, والهدف من هذه الطّريقة دفع المتعلّمين للإفادة من المعرفة السّابقة, وتنمية اهتماماتهم, وإظهار دافعيتهم نحو الموادّ والأنشطة الموجودة بين أيديهم...الخ ,جاءت صياغتها بصورتها الأوّليّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة على يدّ كلّ من روبرت كاربلس ومايرون أتكن عام1962م, وتكوّنت من ثلاث مراحل (الاستكشاف, وتقديم المفهوم, وتطبيق المفهوم)، هذه المراحل دائريّة – غير خطيّة. ففي مرحلة الاستكشاف يتفاعل المتعلّم مع الخبرات الجديدة, عبر نشاطاتٍ فرديّةٍ أو جماعيّةٍ تتيح له فرصة الفهم والاندماج مع الموادّ, والأدوات المختلفة للإجابة عن التّساؤلات حول الخبرات الجديدة. ليصل بعد ذلك بنفسه إلى لمفهوم المراد تعلّمه, وعلى المعلم أن يساعده في الحصول على المفهوم في حال عدم تمكّنه من ذلك عن طريق توجيهه نحو الكتاب المدرسيّ, أو مشاهدة فيلمٍ تعليميٍّ...الخ, ثمّ يتوجّب على المعلّم إتاحة الفرصة أمام المتعلّم لتطبيق المفهوم الجديد في مواقف جديدةٍ ومشابهةٍ بهدف ترسيخ معناه, وفهم علاقته بالمفاهيم الأخرى .
ثمّ تناول كاربلس دورة التّعلم بالتّحسين والتّعديل ؛إذ أُدخلت كجزء من مشروع تحسين منهاج العلوم ((SCISScience Curriculum Improvement Study عام1974م الّذي قامت به جامعة كاليفورنيا لتطوير العلوم, ومن التّعريفات الّتي تناولت دورة التّعلّم الثّلاثيّة:
- عرفت بأنّها إحدى طرائق التّدريس الّتي تستمد أصولها وإطارها النّظريّ من نظريّة بياجيه للنّمو المعرفيّ, وتُستخدم في تحسين التّدريس.
- تعريف ابراهام بأنّها: نموذج تدريسيّ يمكن أن يستخدمه المعلّم في التّدريس الصّفيّ كطريقةٍ تدريسية, لتقديم المفاهيم والمضامين العلميّة, تتكوّن من ثلاثة أقسام مرتبطة ارتباطاً وثيقاً, وتشكّل هذه الأقسام دورة تعلّم تؤدي إلى بناء تراكيبٍ معرفيّةٍ جديدةٍ, اعتماداً على الخبرات السّابقة، والخبرات المقدّمة.
من خلال التّعريفات السّابقة يمكن استنتاج أنّ دورة التّعلّم طريقة في التّدريس تتكون من ثلاث مراحل هي (الكشف عن المفهوم, ومرحلة تقديم المفهوم, ومرحلة تطبيقه), تستمد أصولها من نظريّة بياجيه في النّمو المعرفيّ, وتؤكّد على التّفاعل بين المعلّم والمتعلّم, بحيث يكون للمتعلّم الدّور الأكبر من خلال قيامه بالأنشطة العلميّة الكشفيّة, والاستعانة بخبراته السّابقة, بما يؤدي إلى حدوث التّعلّم.
وبعد ذلك طوّرت دورة التّعلّم الثّلاثيّة إلى دورة التّعلّم الرّباعية (4E’S) نموذج كولمب عام 1984م ويتكون من أربع مراحل هي (الاستكشاف, والتّفسير, والتّوسع, والتّقويم).
خلال مرحلة الاستكشاف يتفاعل المتعلّمون مع الموادّ من جهة, ومع بعضهم من جهةٍ أخرى. ثمّ يتفاعلون مع المعلّم خلال مرحلة التّفسير لتوضيح المفهوم مع المعلومات والملاحظات الّتي حصلوا عليها من المرحلة السّابقة, وبعدها يوجّه المعلّم تفاعل المتعلّمين خلال مرحلة التّوسع لتوضيح المفهوم وتوسيع الأفكار, أمّا التّقويم فيكون نهائيّاً وخلال كلّ مرحلة من مراحل دورة .
وفي عام (1993م) قام فريق دراسة منهاج العلوم الحياتيّة وكان يرأسه بايبي بتطوير دورة التّعلّم الرّباعيّة إلى نموذج تدريسيّ بنائيّ أُطلق عليه دورة التّعلّم خماسيّة المراحل 5E’S(نموذج بايبي) وهي مرحلة (الإثارة, والاستكشاف, والتّفسير, والتّوسع, والتّقويم)
تشكّل هذه المراحل كلاًّ متكاملاً فيما بينها, لكلّ مرحلة وظيفة محدّدة تمهّد للمرحلة الّتي تليها. تبدأ بإثارة دافعيّة المتعلّمين للتّعلّم, وإحداث اختلال التّوازن المعرفيّ لديهم, ثمّ قيام المتعلّمين بأنشطة مُصمّمة من قبل المعلّم لاكتشاف المفاهيم غير المعروفة لديهم, ومن ثمّ التّعبير عن المفاهيم الجديدة بتعريفاتهم الخاصّة, وتطبيق ما تمّ تعلّمه في مواقف جديدة ذات صلة, بعدها يقوم المعلّم بتقويم المتعلّمين لمعرفة مدى تحقّق الأهداف التّعليميّة المرجوّة, كما يتيح الفرصة للمتعلّمين لتقويم تعلّمهم تقويماً ذاتيّاً. بعد ذلك طوّر خبراء التّربية في ولاية ميامي بالولايات المتّحدة الأمريكيّة دورة التّعلّم الخماسيّة لتصبح سبع مراحل هي (الإثارة, والاستكشاف, والتّفسير, والتّوسيع, والتّمديد, والتّبادل, والفحص أوالتّقويم), يتمّ تحفيز المتعلّمين وإثارة فضولهم خلال مرحلة الإثارة, وإرضاء هذا الفضول خلال مرحلة الاستكشاف عن طريق توفير الخبرات للمتعلّمين والتّعاون معاً لإدراك معنى المفهوم, ثمّ توضيح المفهوم وتعريف المصطلحات خلال مرحلة التّفسير, إلى أن يجد المتعلّم خلال مرحلة التّوسيع تطبيقات جديدة للمفهوم, أمّا خلال مرحلة التّمديد فيتمّ توضيح العلاقة بين المفهوم والمفاهيم الأخرى, ثمّ تبادل الأفكار أو الخبرات خلال مرحلة التّبادل, وأخيراً الفحص وتقييم تعلّم المتعلّمين. كما هو موضّح في الشّكل .
والأمر الّذي أدّى إلى تطوير دورة التّعلّم ابتداءً بدورة التّعلّم الثّلاثيّة مروراً بدورة التّعلّم الخماسيّة ثمّ دورة التّعلّم السّباعيّة، هو أنّ أيّة طريقة أو استراتيجية يجب أن تُعدّل لتناسب مستويات التّفكير، والتّطورات العلميّة الحديثة، والتّراكم المعرفيّ. ولم يتوقف الباحثون عند ذلك حيث لا يزال التّفكير في إضافة مراحل جديدة قائماً، لضمان ألاّ يحذف المعلمون عناصر التّعلم من دروسهم. وأن يطوّروا مهاراتهم التّدريسيّة عبر تطوّر المعرفة والعلوم .
...
يعتمد التّفكير البصريّ على عمليتين هما:
- الإبصار: باستخدام حاسّة البصر لتعريف وتحديد مكان الأشياء وفهمها وتوجيه الفرد لما حوله في العالم المحيط.
- التّخيّل: وهي عمليّة تكوين الصّور الجديدة عن طريق تدوير وإعادة استخدام الخبرات الماضية والتّخيلات العقليّة, وذلك في غياب المثيرات البصريّة وحفظها في عين العقل, فالإبصار والتّخيّل هما أساس العمليات المعرفيّة باستخدام مهارات خاصة في المخّ تعتمد على تذكرنا للخبرة السّابقة, حيث يقوم جهاز الإبصار (العين) والعقل بتحويل الإشارات من العين إلى ثلاثة مكونات للتّخيل هي: النّمذجة, واللّون, والحركة ، الإبصار (الرّؤية) والتّخيل عمليتان متكاملتان, فالرّؤية توفّر المادّة الأوليّة للتّخيل, والتّخيل يوجه الرّؤية وينقّيها. وهما أساسيّتان للعمليّات العقليّة كالتّذكر, والّتنبؤ, والتّحليل, والاستنتاج...الخ.