مجموعة عامة تضم جميع الباحثين
778 Postsاختلف مؤرخو الفلســفة حول المكان الذي نشأت فيه لأول مرة، فذهب فريق منهم إلى القول بأنها نشأت في بلاد اليونان، وأن «طاليس» في النصف الأول من القرن السادس قبل الميلاد هو أول الفلاسفة، أمــا قدمــاء المصريين فإنهم لم يعرفوا مثل هــذا اللون من التفكير النظري فاتجــه تفكيرهم - في الأعم الأغلب - نحو موضوعات دينية وعملية، وقد ذهب إلى هذا الرأي أرســطو ً قديما وبرتراند رسل ً حديثا، وحجتهم في ذلك يمكن تلخيصها فيما يلي:
1- اعتمد هذا الفريق على تعريف الفلســفة بأنها تفكير مجرد، ٌ وســعي إلــى طلب المعرفة لذاتها، بهدف الوصول إلى الحقيقة بغض النظر عن أية منفعة عملية أو دينية.
2- اختلط التفكير في الشــرق بالعقيدة الدينية التي سيطرت على حياتهم ونظمت سلوكهم، فاهتموا بالتفكيــر في الألوهية والبعث والخلود، والخير والشــر، والمبدأ والمصير فــي حين أن التفكير الفلسفي اليوناني كان يسعى إلى المعرفة للمعرفة، إذ اتجه العقل عندهم إلى الكشف عن الحقيقة لذاتها بعيداً عن أية اهتمامات دينية.
3- إذا كان المصريون ً مثلا قد اهتموا بالعلوم فقد كان ذلك لأغراض عملية ودينية فحسب، فهم عندما درسوا علم الكيمياء لم يفعلوا ذلك إلا ليستعينوا به في تحنيط الجثث، واستخراج العطور والأصباغ والألوان يزينون بها جدران المعابد والمدافن، دون الاهتمام بتأسيس القواعد النظرية للعلم.
4- إذا كان عند الشرقيين أي قدرمن التفكير العقلي فهو وليد معتقداتهم الدينية (كالخلود والبعث والحساب... إلخ). فلم يســتطيعوا فصل الفلســفة عن الدين، ومعالجة موضوعاتها لذاتها، أما الفلسفة «معجزة اليونان لأنهم ابتكروها دون أن يعتمدوا على دين أو عرف بل استندوا إلى منطق العقل وحده». أما الفريق الثاني فقد ذهب إلى أن الفلســفة ظهرت أولا عند قدماء المصريين وحضارات الشــرق القديمة، ويمكن تلخيص حجتهم في ذلك في النقاط الآتية: