ما هي الآلية المرضية للكسور عند مرضى الترقق العظمي الناجم عن تناول الستيروئيدات ؟


أكثر ما تحدث هذه الكسور عند النساء في مرحلة ما بعد سن اليأس و عند الرجال أيضا، وتحدث هذه الكسور غالبا في الأماكن الغنية بالعظم الإسفنجي مثل الفقرات وعنق الفخذ.

كما في الكسور الفقرية عند النساء ما بعد سن اليأس تكون هذه الكسور الفقرية الناجمة عن العلاج بالستيروئيدات غالبا غير عرضية أيضا.

حيث أظهرت الصور الشعاعية البسيطة لأجسام الفقرات كسرا أو أكثر عند 37% من النساء ما بعد سن اليأس والمعالجين بالستيروئيدات القشرية. وتحدث هذه الكسور الفقرية باكرا بعد العلاج بالستيروئيدات القشرية عندما تنقص الكثافة المعدنية العظمية BMD بشكل سريع. هذا الفقد السريع و الباكر للعظم يزيد خطورة الكسور الفقرية حتى عندما تكون قيمة T-Score ضمن مجال فقر العظم (Osteopenia).

وبالرغم من أن هذه التشوهات يمكن أن تحدث في المرحلة الباكرة من المعالجة بالستيروئيدات القشرية فان حدوثها مرتبط أيضا بالجرعة المتناولة من الستيروئيدات القشرية، حيث أن اعطاء جرعة من البريدنيزولون (2.5-7.5 ملغ) يوميا يترافق مع زيادة في حدوث التشوهات الفقرية 2.5 مرة، أما عند تناول البريدنيزولون بجرعة 10 ملغ يوميا لمدة أكثر من 90 يوماً فان خطورة التشوهات الفقرية تزداد بمقدار 17 مرة. ويمكن لهذه الخطورة أن تنقص بعد إيقاف المعالجة بالستيروئيدات القشرية.

إن سبب الاختلاف بين الأشخاص في الاستجابة للستيروئيدات القشرية غير واضح، لكنه قد يعود إلى تعدد أشكال مورثات مستقبلات الستيروئيدات، وهذا التعدد يترافق مع التباين في قيمة الكثافة المعدنية العظمية BMD.

السبب الآخر قد يعود إلى الأنزيمات المحيطية التي تعمل على التحويل بين الأشكال الفعالة وغير الفعالة من الستيروئيدات القشرية. حيث يعمل أنزيم 11Bhydroxysteroid dehydrogenase  على تنظيم التحول بين الكورتيزون والكورتيزول والذي يعتبر الشكل الفعال هرمونيا، كما أن له دورا في تنظيم فعالية الستيروئيدات، وقد وجد أن له نمطين:

1-النمط الأول وهو بشكل أساسي مفعل للقشرانيات السكرية عبر تحويل الكورتيزون إلى كورتيزول، وهو يعمل على الأنسجة الهدف للقشرانيات السكرية بما فيها العظم،وتزداد فعاليته في إنتاج الكورتيزول من الكورتيزون تحت تأثير القشرانيات السكرية في الخلايا الكاسرة لعظم.

2-النمط الثاني وهو أنزيم مثبط يعمل على الأنسجة الهدف للستيروئيدات المعدنية.

هناك علاقة عكسية بين فعالية النوع الأول وتمايز الخلايا البانية للعظم، كما أن فعالية النمط الأول تزداد مع التقدم بالعمر مما يفسر زيادة حساسية المسنين لتأثير الستيروئيدات على الأنسجة الهيكلية.

إن الكثير من الأمراض التي توصف الستيروئيدات لعلاجها تعمل على إحداث ترقق عظمي، فمثلا يترافق كل من داء الأمعاء الالتهابي IBD والداء الرثياني RA أو الداء الرئوي الإنسدادي المزمن COPD مع خسارة عظمية بغض النظر عن استعمال الستيروئيدات، ويعود ذلك إلى إطلاق السيتوكينات الالتهابية والتي تؤثر على تكون العظم وارتشافه. كما أن هناك عوامل أخرى مشاركة،فمثلا في الداء المعوي الالتهابي IBD يمكن لسوء امتصاص فيتامين د والكالسيوم أن يكون له دور لم يتم تحديد علاقة مباشرة بين الكثافة المعدنية العظمية BMD وخطورة تطور كسور في الترقق العظمي المحدث بتناول الستيروئيدات، كما أن هذه العلاقة تختلف عن تلك عند النساء بعد سن اليأس نتيجة لكون الكسور في الترقق العظمي الناجم عن تناول الستيروئيدات القشرية تظهر عند قيم أعلى للكثافة المعدنية العظمية BMD،وهذا ما يجب أخذه بعين الاعتبار عند علاج هؤلاء المرضى، حيث توصي الكلية الملكية للأطباء (Royal Collage of Physicians) ببدء العلاج عندما تنخفض قيمة T-Score إلى -1.5،أما الكلية الأمريكية للأمراض الرثوية (ACR) فتوصي ببدء العلاج عندما تصل قيمة T-Score إلى < -1، وهذه القيم تعتبر اكبر من القيم الموصى بها لعلاج ترقق العظام عند النساء بعد سن اليأس (-2 _ -2.5).

إن سبب هذه العلاقة المختلفة بين الكثافة المعدنية العظمية BMD وخطورة الكسور معقدة، فبالإضافة للنقص السريع في الكثافة المعدنية العظمية BMD الذي يظهر بعد التعرض للستيروئيدات هناك عوامل أخرى تؤثر على قوة العظم وخطورة الكسور في الترقق العظمي المحدث بالعلاج بالستيروئيدات القشرية، والتي تشتمل على:

1- المرض الأساسي المعالج بالستيروئيدات.

2- حوادث خلوية متعددة تؤدي إلى تغيرات بنيوية في العظم، فالتأثيرات السلبية للستيروئيدات القشرية على الخلايا البانية للعظم والخلايا العظمية تؤثر بشكل عكسي على البنية الهندسية للعظم الإسفنجي، وهذه التبدلات لا تترجم إلى نقص في الكثافة المعدنية العظمية BMD.هذا النقص في عدد وثخانة وترابط العظم التربيقي لا يمكن تحديده بوسائل التصوير غير الغازية الحالية، بينما تكون الوسائل الحديثة مثل التصوير الطبقي المحوري عالي الوضوح المحيطي الكمي (High Resolution Peripheral Quantitive Computed Tomography) أو التصوير بالرنين المغناطيسي المجهري أكثر فائدة في تحديد خطورة تطور الكسور عند المرضى المعالجين بالستيروئيدات القشرية.

رغم أن مشعرات التغير العظمي قد تكون وسيلة مفيدة لقياس فعالية إعادة التشكل العظمي وتحديد خطورة تطور الكسور فان قيم هذه المشعرات لم يتم تحديدها عند المعالجين بالستيروئيدات إضافة إلى أن مستوياتها تختلف بحسب المرحلة المرضية. كما لوحظ وجود زيادة في مشعرات الارتشاف العظمي بعد بدء تناول الستيروئيدات القشرية يتلوه نقص في مشعرات الارتشاف والتشكل العظمي.

إن الدور الهادم للستيروئيدات القشرية على العضلات قد يكون له دور في خطورة تطور الكسور نتيجة لكون الستيروئيدات تسبب الضعف العضلي والذي بدوره قد يزيد خطورة السقوط. وهذا الضعف العضلي قد يظهر بعد بدء العلاج بالستيروئيدات القشرية، كما لوحظ أن الضعف العضلي بعد التعرض الطويل الأمد للستيروئيدات القشرية يصيب عضلات الزنار الحوضي بشكل أساسي وذلك عند 60 % من المرضى المعالجين بالستيروئيدات القشرية.