آلية بعض الفيتامينات وبعض المواد الفعالة ضد السرطان


§     فيتامينA  والكاروتينات:

يوجد أدلة أن فيتامين A ومشتقاته والذي هو فيتامين ذواب بالدسم يلعب دور في تمايز الخلية، كما يمكن أن يؤثر في بيولوجية السرطان لقدرته على النمو والتمايز، ولأن قلة التمايز المناسب هو صفة للخلايا السرطانية فإن كمية مناسبة من فيتامين A قد تسمح بتمايز الخلايا الطبيعية وبهذا يتجنب تطور السرطان.

بالإضافة إلى وجوده في دسم الحليب وصفار البيض وكبد الثديات فان فيتامين A ومشتقاته يحصل عليها عادة من الجزرانيات والفاكهة والخضار الملونة.

تشير دراسة كثيرة في علم الأوبئة إلى أن الأفراد الذين يتبعون حميات بكميات كبيرة من الفاكهة والخضار الغنية بالبيتا كاروتين هم في خطورة أقل للتعرض للسرطان في مواقع ورمية عديدة بما فيها الرئة و القولون والثدي. حيث إن β-كاروتين يمثل المادة الحامية الحقيقية في الفواكه والخضروات.

من ناحية أخرى قد يملك β-كاروتين تأثيرات مختلفة إذا استهلك كمكمل أكثر من نسبة تواجده في الطعام، حيث يتغير تأثيره المسرطن أو الحامي من السرطان من خلال تغير الأكسدة داخل الخلية. إن الإستهلاك المعتدل من الكاروتينات تلعب دور مضاد للأكسدة مانعة لإنتاج جذور حرة بينما التراكيز العالية قد تعطي تأثير معاكس.

من جهة أخرى فإن الليكوبين ليس مولداً لفيتامين A ولكنه يمتلك خواص مضادة للسرطان. يوجد الليكوبين في البندورة والبطيخ والكريفون الزهري والجوافة. وكباقي الجزرانيات يمكن أن يصنف الليكوبين كمضاد أكسدة وبتلك الطريقة يؤثر على ظهور الجذور الحرة (11).

§     فيتامين c:

يعدٌ فيتامين c مادة مضادة للأكسدة وذواب في الماء. وتعدُ مصادره متعددة كالحمضيات والمنغا والبابايا والموز والفراولة والشمام والبروكولي والملفوف والخضروات ذات الأوراق الخضراء والفليفلة والبندورة والقرع والبطاطا الحلوة.

لقد أثبتت الأبحاث العلمية أن تناول الفواكه والخضروات الغنية بفيتامين c مرتبط بشكل عكسي مع خطورة بعض السرطانات.

لقد أظهر تركيز فيتامين C في البلازما ارتباطاً عكسياً مع نسبة الوفيات المرتبطة بالسرطان. وفي دراسات على الحيوانات، وجد أن لفيتامين C تأثير وقائياً من سرطان الجلد، الثدي والكبد والكلية.

لقد أوضحت دراسات جديدة أن جرعات عالية من فيتامين C قد يكون لها تأثيرات معاكسة على سرطان الرئة والجلد، وعلى هذا فإن التأثيرات قد تعتمد على الجرعات.

يعمل فيتامين C مكنسة للجذور الحرة المتطرفة وبذلك يمنع الأذى الناتج عن تحريض أكسدة الـDNA ، كما أن له دور في منع تشكل النيتروزأمين من النترات والأمينات داخل الكائن الحي (11).

§     الفولات:

يعدُ الفولات عنصر مميز حيث أنه متوافر في الخضار الورقية ( ذات الأوراق الخضراء).

كما أشارت دراسات سريرية في علم الأوبئة إلى أن تناول الفولات ضمن الحمية الوقائية أمر مهم خصوصاً وأن تراكيزه في الدم مرتبط بشكل عكسي مع خطورة سرطانات العنق والثدي والرأس والرئة والقولون.

وأوضحت الدراسات أن 40% من انخفاض خطورة السرطان القولوني كان في أشخاص ممن يتناولون فولات ضمن الحمية بشكل كبير مقارنة مع الأشخاص ذوي التناول الأخفض.

حظيت الدراسات عن الفولات والسرطان باهتمام كبير لكونها أظهرت أنه ليس فقط ذو تأثير مقاوم للسرطان بل أظهرت أهميته ضمن التغذية العلاجية للمرض.

حيث أظهرت الدراسات على الحيوانات أن جرعة الفولات وتوقيتها هما أمران حاسمان للتزود بتأثيرات وقائية ضد السرطان.

هذه النتيجة تقترح أن الجرعة الأمثل من الفولات للوقاية من السرطان قد تختلف بين الأشخاص وقد تعتمد على ما إذا كانت الآفة المجهرية موجودة أم لا.

كما لوحظ أن التوقيت الجيد للتزود بالفولات بجرعة أكبر من المعتاد بعد توضع بؤر ورمية مجهرية في الغشاء المخاطي للقولون كان قد سرَع من قمع عملية التسرطن.

ترتبط الآلية التي يضبط من خلالها حمية الفولات عملية التسرطن بالوظيفة الكيميائية الوحيدة للفولات حيث أن الفولات هي عامل متمم هام لعملية الإنشاء الحيوي.

تشير أدلة متزايدة من الدراسات على البشر والحيوانات إلى أن عدم كفاية الفولات مرتبطة بضعف إصلاح DNA وبالتالي زيادة الطفرات، وأن مكملات الفولات قد تستطيع إصلاح بعض من هذا الخلل الناتج عن نقص الفولات.

يلعب الفولات أيضاً دوراً في نقل أحادي الكربون إلى ميثيونين حيث يمكن بتلك الوسيلة الإمداد بـ (آدينوسايل ميثيونين) وهي مجموعة الميثيل الأساسية المانحة لمعظم التفاعلات الميثيلية البيولوجية بما فيها تفاعلات الميثلية في DNA والتي تحدد ديمومة سلامة واستقرار DNA، وتحدد تطور الطفرات.

كما أثبتت الدراسات أن نقص الفولات والتزويد بها يمكن أن يوثر على ميثيلة الـ DNA ، وأن حدوث خلل في تنظيم ميثيلة الـ DNA مرتبط ميكانيكياً (آلياً) بالتسرطن (11).

§     فيتامين E:

يأتي بشكل أساسي من زيوت النباتات (تتضمن العصفر، الذرة، بذور القطن، وزيوت بذرة الصويا) والمكسرات والخضر الخضراء.

فيتامين E هو مصطلح جامع يستخدم للإشارة إلى مكونات مختلفة وظيفياً وبنيوياً وتتصرف كمضادات أكسدة والتي تستطيع أن تحمي من التأثيرات المعاكسة (السلبية) للجذور الحرة، كما أن جميع مركباته ذوابة بالدسم.

تحرت دراسات محدودة عن العلاقة بين خطر حدوث السرطان مع الحميات التي تزود بكميات كبيرة من فيتامين E، حيث أكدت هذه الدراسات بأن هذا الفيتامين من المحتمل أن يقلل من سرطانات الرئة والعنق ولكن البرهان غير كاف لمعرفة أثره على سرطان القولون والمستقيم.

كما أوضحت بعض المعلومات الحديثة أن فيتامينE  الموجود في الطعام يقدم بعض الحماية من سرطان الثدي، بينما المكملات لا تفعل ذلك.

وفسِّرَ ذلك بأن للمكونات الغذائية الأخرى الموجودة في الطعام أهمية في تحديد الاستجابة.

أشارت دراسات أخرى إلى وجود ارتباط بين ارتفاع ألفا التوكوفيرول في المصل مع انخفاض خطورة سرطان البروستات.

على الرغم من أن النتائج تبين تأثيراً وقائياً لفيتامينE  ضد سرطانات القولون والبروستات، لم توضع نقاط نهائية للدراسة وكان لا بد من دراسات إضافية خصوصاً بعد ظهور دراسات أخرى بينت أن أخذ مكملات فيتامين E لم يكن مرتبطاً بالخطورة الكلية لسرطان البروستات أو بخطورة سرطان البروستات المتطور.

كما إن إجراء تجارب الوقاية من السرطان باستخدام فيتامين E والسيلنيوم والتي تتحرى الدور المستقل والمرتبط للسييلنيوم وفيتامين E في الوقاية من سرطان البروستات، ستساهم في المساعدة على فهم أهميتهما في الوقاية من السرطان.

كما ظهر في نماذج متعلقة بالمرض قبل ظهور الأعراض أن لفيتامين E دور وقائي ضد سرطان البنكرياس والجلد والرئة والكبد والكولون.

كما أشارت الدراسات في علم الخلية إلى أن فيتامين E يعمل عن طريق استهلاك ذرات الأوكسجين الحرة وبالتالي إيقاف سلسلة تفاعلات الجذور الحرة.

كما يمكن أن يمنع فيتامين  Eأيضاً من تطور السرطان عن طريق زيادة إنتاج الأجسام المضادة ودعم المناعة الخلوية (11).

§     السيلينيوم:

يدخل السيلينيوم السلسلة الغذائية عن طريق النباتات ويتأثر تركيزه في الأطعمة بعدة عوامل مرتبطة مباشرة بكميته في التربة والماء.

كما وجدت الدراسات علاقة عكسية بين حالة السلينيوم وحالة الوفيات الناتجة عن سرطان الكولون والمستقيم والبروستات والثدي والرئة وسرطان الدم.

وأشارت دراسات أخرى إلى أن العلاقة بين السيلينيوم كواقي وبين سرطان البروستات والرئة ليست مقنعة بشكل كبير بالنسبة لعلاقته بالسرطانات الأخرى بما فيها سرطان القولون المستقيم وسرطان الثدي.

كما أكدت أبحاث علمية أن مكملات السيلينيوم تخفض من حدوث السرطان في الحيوانات.

ولوحظ أن وجود هذه المكملات في الحمية أو في ماء الشرب يمنع المراحل البدائية من التقدم والتسرطن في الثدي والكولون والكبد والمري والبنكرياس.

تتمثل آلية السيلينيوم في حماية الجسم من التسرطن بتأثيره الواقي لـDNA الخلية من أي ضرر ينتج عنه طفرة في الخلية، هذه التأثيرات غالباً ما تعتمد على تركيز الشكل الكيماوي للسيلينيوم.

تعتمد نشاطات السيلينيوم المانعة للسرطان ونشاطاته الأخرى على وجود مركبات السيلينيوم وليس على وجود العنصر بذاته، كما إن الأشكال الكيميائية المختلفة للسيلينيوم تستقلب بشكل مختلف وتظهر تأثيرات كيميائية حيوية مختلفة.

كما أن الأطعمة الغنية بالسيلينيوم غالباً ما تحتوي على مزيج من مركبات سيلينيوم مختلفة وهذا قد يؤثر في تعدد طرائق منع التسرطن، من مصادره الغنية الأغذية الحيوانية كالسمك والبيض، الحبوب مصدر لا بأس به بينما الفواكه والخضار مصادر فقيرة به(11).

§     نظائر أملاح الكبريت:

تتواجد هذه المركبات في البروكلي والجرجير والملفوف والقرنبيط. يختلف تركيب الفلوكوسنيولت في مجموعة الخضار السابقة وهذا يعتمد على النوع والمناخ وظروف زراعية أخرى. كما تم تحديد 120 نوع مختلف على الأقل من الفلوكوسنيولت.

والأكثر بروزاً هو علاقة هذه النظائر بالوقاية من سرطانات المري والرئة الحاصلة عن طريق منتجات التبغ.

أظهرت دراسات في علم الأوبئة كثيرة أن استهلاك هذا المركب في الحمية يرتبط بشكل عكسي مع مخاطر تطور سرطانات الكولون والثدي والرئة.

تتضمن آلية تأثيره تخفيض الأكسدة عن طريق دعم مضادات التأكسد (11).

 

§     الفلافونيدات:

تشكل هذه المركبات مجموعة واسعة من المنتجات النباتية ولها تركيب شائع يتألف من حلقتين بنزات الفنيول مرتبطة بـ البايرون أو البيران المتغير الحلقات.

يوجد أكثر من 500 نوع من هذه المركبات ويمكن بشكل عام تصنيفها إلى واحدة من هذه الفئات: الفلافونولات ـ الفلافونات ـ آيزوفلافون ـ وآنثوسيانيد، والتي تتواجد جميعها في خضار وفواكه مختلفة.

لدى دراسة الارتباط بين تناول الفلافونيد ومخاطر السرطان تم التوصل إلى أن الفلافونيد وخاصة الكويرستن (مركب متبلور أصفر على شكل بودرة يوجد في لحاء النباتات المختلفة كفلوكوسيد ويستعمل طبياً في علاج حالة الوهن غير الطبيعية) قد تقلل من خطورة سرطان الرئة.

كما أشارت دراسات على نماذج حيوانية مصابة بالسرطان إلى أن الفلافونيد له نشاط وقائي ضد السرطان، ووجد أن 2% من الكويرستن يمنع أيزو الميتان من إحداث تضخم كبير ونمو مركزي غير طبيعي وتشكل بؤر شاذة في الفئران.

كما وجد أن المويرستين يمنع أمين نترو الصوديوم من إنتاج تسرطن رئوي في الفئران عندما يدار خلال المرحلة الأولى (البادئة).

وفيما يلي بعض الفلافونيدات التي تمنع نمو الورم في حيوانات مخبرية:

- النارنجينين: يمنع نمو الورم في الأنسجة الضامة لفئران مطعمة.

- سيانيد ـ3ـ غلوكوزايد: تقمع حدوث تضاعف في الأورام الكولونية.

- النوبيليتين: يمنع سرطان الكولون.

- أنثوسياتنينز: يحمي من سرطان الجلد في القوارض.

للفلافونيد تأثيرات بيولوجية متنوعة جداً، معظمها هامة في الحماية من السرطان وأهمها قدرتها على التخلص من الجذور الحرة (11).

 

§     مركبات الآليوم (الثومية):

تتضمن ما يقارب 500 مركب، والشائع هو استخدام الخضار الثومية المتضمنة (الثوم ـ البصل ـ الكراث ـ الثوم المعمر ـ البصل الأخضر).

وتعدُ مركبات الكبريت العضوي الموجودة في الخضار الثومية هي المسؤولة عن أثارها النافعة، وعلى وجه الخصوص الثوم والذي يعد واقٍ من السرطان لإحتوائه على مركبات الكبريت (الفوتاميل ـ آلكينيل ـ سايستين وسايستسن سلفوكسيد متضمنة الـ آليين الخ).

كما أشارت نتائج الدراسات إلى أن الثوم ومركبات الكبريت المرتبطة به يمكن لها أن تخمد السرطان وتبدل السلوك البيولوجي للأورام.

كما أكدت 19 دراسة أن الأثر المضاد للتسرطن عند التناول العالي من هذه المادة لا يختلف سواء كانت نية أو مطبوخة.

ولقد أجريت حديثاً دراسة على مرضى يابانيين مصابين بأورام كولونية، فوجد إن جرعة عالية من خلاصة الثوم عملت على خفض خطورة إنتقال الورم مقارنة مع مرضى أخذوا جرعات من خلاصة الثوم أقل.

لقد أعطت الدراسات السابقة أقوى الأدلة على أن الثوم ومركباته الكبريتية العضوية تقمع السرطان وتغير من سلوك الورم.

كما وجد أن الثوم ومركبات الكبريت المرتبطة به تمنع من حدوث سرطان الثدي والكولون والجلد والرحم والمري والرئة والكلية وبداية المعدة والكبد وذلك في تجارب على حيوانات مخبرية.

قد تنتج الحماية من حدوث الورم عند تناول الثوم من عدة آليات بما فيها: تبديل تنشيط المسرطن وتشكيله، دعم إصلاح الـ DNA ، تخفيض نمو (تضاعف) الخلية، وقمع التسرطن (11).

التريبينات الأحادية:

هي منتجات نباتية طبيعية توجد في الزيوت الأساسية لأكثر الفواكه والخضار المستهلكة شيوعاً وهي مسؤولة بشكل كبير عن الروائح العطرة للفواكه والنباتات.

يعدّ الليمونين أبسط مركبات التربين وهو أحادي الحلقة، كما يعتبر الكحول البيريللي نظير الليمونين الهيدروكسيلي.

لقد أظهر هذا المركب نشاطاً حامياً ومعالجاً كيماوياً ضد أورام في الكولون والكبد والمري والكلية والبنكرياس والرئة والجلد والثدي.

تمتلك هذه المركبات القدرة على زيادة كمون الورم، حيث أنها تخفض من تضاعف الورم.

لقد أثبتت نتائج تمهيدية لتجارب سريرية عن تأثير الليموينين والكحول البيريللي للمرحلة الأولى والثانية من السرطان على أن هذه المركبات محتملة التأثير بشكل كبير عند مرضى السرطان وتستحق اختبارات أكثر كعوامل معالجة كيماوية محتملة.

نتائج هذه التجارب مهمة جداً لتوضيح فيما إذا كانت أحادية التربينات مؤثرة ضد السرطان عند البشر أم لا (11).