تلعب الانقرائيّة دوراً مهماً في الوقوف على مدى ملاءمة كتاب تعليميّ ما لمستوى النّضج اللغويّ للتلاميذ الذين قُرِّر عليهم، ويسهم توافر شروطها في الكتب المدرسيّة في جعلها تؤدي الفائدة المرجوة منها. وفي ضوء هذه الأهمية الكبيرة للانقرائيّة تتجلّى مشكلة غياب الدراسات التي تتحرّى انقرائيّة الكتب المدرسيّة على المستوى المحليّ. وبناءً على ذلك هدفت الدِّراسة إلى تحديد مستوى انقرائيّة كتاب (العربيّة لُغتي) المقرّر لتلاميذ الصّف السّادس الأساسيّ في الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة، وتعرُّف مدى ترتيب النّصوص الأدبيّة في الكتاب المستهدف تبعاً لدرجة انقرائيتها، وتحديد الفروق في الانقرائيّة بين متوسطات درجات التلاميذ تبعاً للمتغيّرات الآتية: (الجنس، والمعدل الدّراسيّ، ونوع المقروء، ونوع الكلمة المحذوفة). ولتحقيق أهداف الدراسة، اتّبع الباحث المنهج الوصفيّ، واختار بالطريقة العشوائيّة البسيطة عشرة نصوص أدبيّة من كتاب (العربيّة لغتي) للصّفّ السّادس الأساسيّ بواقع خمسة نصوص نثريّة وخمسة نصوص شعريّة، كما قام باختيار عيّنة عشوائيّة منتظمة ممثّلة لتدريبات الكتاب، هي: تدريبات الوحدة الثالثة، فالسادسة، فالتاسعة، ثم الثانية عشرة. وتأسيساً على عيّنة الموضوعات في الدّراسة أعدّ الباحث أدواتها المتمثلّة في اختبارين، أولهما: اختبار التّتمّة لقياس مستوى انقرائيّة النّصوص النّثريّة والشّعريّة المختارة من كتاب (العربيّة لُغتي) للصَّفّ السّادس الأساسيّ، وثانيهما: اختبار انقرائيّة التدريبات المؤلَّف من (35) سؤالاً من نوع الاختيار من متعدّد؛ لقياس مدى وضوح أسئلة كتاب (العربيّة لُغتي) للصَّفّ السّادس الأساسيّ، ومدى دقّتها في التعبير عن المهمة المطلوب من التلاميذ تنفيذها. ثمّ قام الباحث بتطبيق أداتي الدراسة على عيّنةً عشوائيّة من تلاميذ الصّفّ السّادس الأساسيّ في المدارس الرسميّة في مدينة دمشق، تكوّنت من (505) تلاميذ، موزّعين على (12) شعبة دراسيّة في (6) مدارس، بواقع (258) تلميذاً، و(247) تلميذةً. وللإجابة عن أسئلة الدّراسة واختبار صحة فرضياتها، فرّغ الباحث بيانات إجابات عيّنة الدّراسة عن بنود الاختبارَين في برنامج الرزمة الإحصائيّة للعلوم الاجتماعيّة (Spss)؛ وحُسبت المتوسطات الحسابيّة، والانحرافات المعياريّة، والنسب المئويّة، واستُخدم اختبار (t) لعيّنتينِ مستقلتين، وتحليل التباين الأحادي لأكثر من عيّنتين مستقلتين، واختبار شيفيه Scheffe للمقارنات البعديّة. وأظهرت الدّراسة النتائج الآتية: - وقعت درجات (110) تلاميذ ضمن مستوى الانقرائيّة المستقلّ؛ أي ما نسبته (21.78%) من العدد الكليّ لعيّنة الدّراسة، في حين كانت درجات (184) تلميذاً وتلميذة في مستوى الانقرائيّة التّعليميّ؛ أي ما نسبته (36.43%)، أمّا درجات (211) تلميذاً وتلميذة فقد وقعت ضمن مستوى الانقرائيّة الإحباطيّ؛ أي أنّ ما نسبته (41.78%). وبجمع عدد التلاميذ في المستويين: التعليميّ والمستقل يتّضح أنّ كتاب (العربيّة لغتي) للصف السّادس الأساسيّ يناسب (294) تلميذاً وتلميذة؛ أي ما نسبته (58.21%) من عدد التلاميذ الذين أعدّ لهم الكتاب. وأوضحت النتائج أيضاً أنّ متوسط درجات التلاميذ في مستويات الانقرائيّة جميعها بلغ (45.85)، وهو يقع ضمن مستوى الانقرائيّة التّعليميّ. - وجود فرقٍ ذي دلالة إحصائيّة بين متوسطي درجات التلاميذ في مستوى انقرائيّة كتاب (العربيّة لُغتي) المقرّر للصَّفّ السّادس الأساسيّ في الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة يعزى إلى متغير الجنس، لصالح الإناث. - وجود فروقٍ ذات دلالة إحصائيّة بين متوسطات درجات التلاميذ في مستوى انقرائيّة كتاب (العربيّة لُغتي) المقرّر للصَّفّ السّادس الأساسيّ في الجمهوريَّة العربيَّة السُّوريَّة تعزى إلى كلّ من المتّغيرات الآتية: (المعدل الدراسيّ للتلاميذ، ونوع المقروء، ونوع الكلمة المحذوفة في اختبار التّتمة)، لصالح كلّ من الفئات الآتية: (المعدل الدراسيّ المرتفع، والنّصوص النّثريّة، والاسم). - عدم تدرّج النّصوص النّثريّة والشّعريّة في موقعها في كتاب (العربيّة لُغتي) للصَّفّ السّادس الأساسيّ بحسب درجة انقرائيّتها. وفي ضوء نتائج الدّراسة، أوصى الباحث بضرورة أخذ مؤلِّفي المناهج التعليميّة بمعيار الانقرائيّة، وإعداد الكتب المدرسيّة بأكثر من مستوى لكلّ صف لتناسب الفروق الفرديّة بين التلاميذ، كما اقترح إجراء مزيد من الدّراسات في مجال الانقرائيّة على كتبٍ دراسيّة أخرى.