من المهم بالنسبة لكل معلم أن يكون لديه فكرة دقيقة عن طبيعة الذكاء؛ نظرًا لما أوضحته الدراسات النفسية من وجود علاقة وثيقة بين الذكاء والتحصيل الدراسي، والذي يقوم المعلم بدور كبير في الحث عليه وتنميته، ولما كان التحصيل الدراسي والنجاح في المدرسة يتصلان بالذكاء اتصالًا وثيقًا، فمن العبث أن نحاول فهم النمو الأكاديمي دون أن نهتم بدراسة مفهوم الذكاء. ويعتبر لفظ الذكاء من أكثر الألفاظ شيوعًا وتداولًا بين الناس، وهو المرادف لما يدور في أذهان الناس للنباهة، والفطنة، والفراسة، كما أنه مرادف للمهارة في معاملة الناس، ويعتبر الذكاء من أقدم الموضوعات التي حظيت بالاهتمام، والدراسة من جانب الفلاسفة القدامى، وبخاصة الفلاسفة العرب خلال القرن الثاني عشر؛ حيث ذاع صيت الإمام فخر الدين الرازي من خلال كتابه المشهور (الفراسة)؛ إذ يحلل فيه العلاقة بين التقييم العضوي، والشخصية كمسببات للسلوك الإنساني، ويقسم الأفعال إلى: أفعال نفسية داخلية، كالذاكرة، والفراسة، وأخرى أفعال حيوية، كالشجاعة، والجبن، والتريث، والتهور. لذا؛ يعتبر الذكاء من أهم الموضوعات التي اهتم بها المشتغلون بالتربية وعلم النفس في مجال الدراسات الخاصة بالفروق الفردية؛ باعتباره أحد مظاهر هذه الحياة العقلية السلوكية التي يمكن ملاحظتها، وقياسها قياسًا علميًا موضوعيًا. أهمية الذكاء بالنسبة للفرد: يمكن إيجاز أهمية الذكاء في الأمور التالية: 1- يعتبر الذكاء عاملًا هامًا في تكيف الكائن الحي مع بيئته، فبواسطته يستطيع فهم الأحداث التي يواجهها، والمقارنة بينهما، وبواسطته يستطيع التنبؤ بما قد سيقع من الأحداث؛ فيستعد لمواجهتها، وحل لما يعترضه من مشكلات، وعقبات. 2- الذكاء يساعد الفرد بواسطة الأفعال السيكولوجية التي يمارسها على إشباع رغباته، وحاجاته بأقل قدر ممكن من المخاطرة. 3- يلعب الذكاء دورًا هامًا في التحصيل الدراسي للتلاميذ؛ إذ يتعثر المتخلفون عقليًا في دراساتهم، بينما الأذكياء، والعباقرة، ومتوسطو الذكاء لا يجدون نفس الصعوبات. 4- للذكاء دور هام في الحياة المهنية للأفراد، وعلى هذا فإن من لا يصلح لمهنة معينة بحكم مستوى ذكائه، وقدراته قد يصلح لمهنة أخرى؛ ولذلك ظهر التوجيه المهني الذي يهدف إلى مساعدة الفرد على اختيار المهنة التي تتناسب مع مستوى ذكائه وقدراته. 5- كل نوع من أنواع الدراسة يتطلب درجات معينة من الذكاء والقدرات العقلية الطائفية المختلفة؛ فالدراسة الثانوية العامة -مثلًا- تحتاج إلى مستويات من القدرات، تختلف عما تحتاجه الدراسة الثانوية الصناعية، أو الزراعية، أو التجارية. ومن ثم ظهر التوجيه التربوي باعتباره عملية تهدف إلى مساعدة الفرد على اختيار الدراسة التي تناسب ما لديه من ذكاء وقدرات. 6- للذكاء دور في القدرة على التفكير المجرد، وعلى معالجة الأمور الذهنية، والتعامل بالرموز، وعلى استخدام اللغة في التواصل، وحل المشكلات. 7- يسهم الذكاء في القدرة على الإفادة من الخبرات المعرفية، وفي القدرة على الاستدلال، وهذه هي أهمية دراسة الذكاء بالنسبة للفرد، وللتلاميذ في أي مجال من المجالات المتعددة.