تسعى الدراسة الحالية إلى التعرف على طبيعة العلاقة القائمة بين الواقع و الوعي الاجتماعيين من منظور ندعوه بالتفاعلي من جهة, و الوقوف على إسهام كلاً منهما في إسباغ الطابع الاجتماعي على الآخر من جهة أخرى, بخاصة و أن النظر في العلاقة بين الواقع و الوعي كثيراً ما اتخذ طابعاً أحادياً في النقاشات الدائرة حولها سواء لدى المشتغلين في علم الاجتماع بشكل خاص أو لدى المشتغلين في العلوم الاجتماعية بشكل عام, حيث انصب الاهتمام على تبيان من يسبق من الوعي أم الوجود؟ و بمقدار ما أثرى اختلاف الإجابات علم الاجتماع بالآراء و النظريات بمقدار ما ترك أثراً بالغاً من جهة حدية النظرة عند تقدير من هو الأساسي و من هو الهامشي في علاقة الوعي بالوجود الاجتماعي. و بعيداً عن هذه التقديرات الأحادية و الحدية تحاول الدراسة الحالية استجلاء العلاقة بين الوعي و الوجود الاجتماعيين من خلال ما يمكن تسميته صورة الواقع في ذهنية الفاعلين الاجتماعيين كما تجسدها واقعاً العلاقة بين القيم و الواقع كون القيم تشكل جانباً مهماً من جوانب الوعي و موجهاً في الوقت نفسه لعلاقات الناس و سلوكاتهم و تصرفاتهم المتنوعة و المتعددة في واقع يتصف هو الآخر بتنوع جوانبه و موضوعاته و أشيائه.