تتعددُ المنابعُ التي نزعَتْ بابن خفاجة إلى التعلقِ بالمرأةِ, و التي تركَتْ آثارَها البارزةَ في نفسه, مما دفعهُ إلى خوضِ غمارِ تجربةِ الحبِّ بطريقةٍ خاصةٍ, و قد تعالقَتْ تلك المنابع مع بعضها لتكوّن نسيجاً متكاملاً طغَتْ فيه ذاتُ الشاعرِ المفعمةِ بالعاطفة على إرهاصاتِ الواقعِ الخارجيِّ, و هو لمْ يتركْ محيطَه هرباً من الأوضاعِ الاجتماعيةِ و السياسيةِ المتردّيةِ, بل اتّجهَ نحوَ أعماقِ ذاتِهِ ثائراً على تلك الأوضاعِ رافضاً لها, فصوّرفي أثناء رسم لوحاتِهِ الفنيةِ علاقته مع المرأةِ مستوحياً من الطبيعةِ ملامحَ رؤيته النفسيةِ الخاصّةِ لتغدوَ المرأةُ مفهوماً حسياً و مجرّداً في الوقتِ ذاتِهِ راحَ يبثّه أصدقَ العواطفِ و أحرّها. لذلك كان لزوماً أن نتعرفَ على العواملِ التي شكلت بواعثَ تجربته مع المرأةِ و إشكاليةِ وجودها في شعرِهِ, و فيحياته . و تجربةُ ابن خفاجةَ الغزليةِ و علاقتهِ بالمرأةِ تعودُ إلى عواملَ متصلة بالظروفِ السياسيةِ و الاجتماعيةِ التي ميزتْ عصرَه, و أخرى ذاتيةٍ متعلقةٍ بشخصيته المتميزةِ, وقد ساعدتْ هذه العواملُ على تشكيلِ هذه التجربةِ لدى الشاعرِ و تطورِها و نضجِها.