لم يجد سعد الله ونوس حرجاً من التعبير عن النوازع و الأهواء الفردية, التي كان يعدّها أموراً برجوازية و بدأ يشعر بنوعٍ من الحرية التي آمن بها دائماً أنها الشرط الجوهري لتحقيق فعالية المسرح, و التي كان يفتقدها في إبداعاته السابقة, لأنه كان يفرض على نفسه نوعاً من الرقابة الذاتية, التي تحتّم عليه تجاوز كلّ ما هو ذاتي و فردي. لذلك نراه في مسرحية (طقوس الإشارات و التحولات) ينتقل من الحالة العامة إلى البنية الفردية ضمن سياق الجماعة؛ إذ يشير بقوة في هذا العمل إلى مفهوم الحرية الفردية من خلال التركيبة النفسية و تطويع الإرادة الكامنة في الذات الإنسانية. فيجعل الشخصيات تعبّر عن دواخلها بعيداً عن الوعظ الاجتماعي من خلال تحديد أفعالها الخارجية و الداخلية معاً, فقد تعامل ونوس بإتقان في رسم العلاقة التي تربط هذه الشخصيات بمحيطها الاجتماعي, موضحاً الانعكاسات التي طرأت على صفحة النفس الداخلية لكلّ شخصية, مع بناء الارتكاسات النفسية التي أسهمت في تحوّل كلّ شخصية من شخصيات المسرحية عبر مجموعة من الإشارات و الدلالات.