ثمة علاقة وثيقة بين الأدب و النفس الإنسانية؛ فحياة الإنسان مركبة من الشعور و اللاشعور، يفصل بينهما الكبت أو منطقة (الهو). و الكلمات الصادرة عنه تعد مفاتيح أساسية لشخصيته، أو نوافذ يطل منها المحلل النفسي أو الناقد إلى النَّفس لسبر أغوارها المعتمة . و الشعراء خير من سهل السبيل لعلماء النفس و الدارسين اكتشاف ما يعتمل في الذات البشرية من مشاعر و أحاسيس و أفكار. و لما كان الخطاب الشعري عند المبدع يصدر عن الشعور، و يعكس- في الوقت نفسه- أثر اللاشعور في وجدانه، فقد رغبنا في استقراء غزل ابن زيدون بولادة؛ لنتلمس فيه أثر مكنوناته النفسية، فيزداد القارئ فهماً لحقيقة قصتهما العاطفية، و يتذوق جماليات غزله بها . و لا نريد من هذه الدراسة أن نخوض في غمار النظريات الفلسفية، و أن نحمل النصوص ما لا تحتمل، فما يشغلنا في دراستنا الأدبية لابن زيدون هو نرجسيته القابعة في لا شعوره العميق، و رصد تجلياتها من خلال علاقته العاطفية بولادة؛ لنصل إلى رؤية جديدة لإبداعاته الغزلية، مبتعدين في ذلك عن مفهوم النرجسية في مدلولها الفرويدي.