راقني جمال (التوقيعات) و ما امتازت به من ثراءٍ عظيم في مفرداتها، و إتقانٍ محكم في تراكيبها، و زخرف أخاذ في أشكالها، و جمال موسيقي في جرسها، كلّ كلمة فيها آخذة برقاب الكلمة الأخرى في صنعة أدبية متقنة. و لعل السبب في ذلك يعود إلى طرافة هذا الفن النثري و تنوعه، فضلاً عن صدورها عن أُناس لهم إسهامات كثيرة في تثبيت أركان الدولة الإسلامية، و بناء حاضرها، و صياغة مستقبلها. و مع أهمية هذه (التوقيعات) لم أجد من تعرض لدراستها من ناحية الذوق الجمالي، فما يزال البحث البلاغي يفتقر إلى الدراسة التحليلية للوقوف على أسرار الفنون البلاغية التي تؤدي داخل النص وظيفة تستحق البحث عنها. من هنا تأتي أهمية هذا البحث، فهو يسعى إلى دراسة أحد هذه الفنون البلاغية (الطباق) لما له من حضور كثيف لافت في التوقيعات، و قد تبين أن لاستخدامه مهمات محددةً تُلبي دواعي التجربة الشخصية، و التذوق الجمالي، و التأثير النفسي، و ليس مجرد حلية لفظية أو تلاعب بالكلمات.