الوصف من أهّم مقوّمات الشّعر و ركائزه لحضوره في الأغراض الشعريّة كافّة، و هو يصوّر واقع الشعر العربي، و لا يقف عند رسم الأشكال، بل يعلّل وجودها، و يقاس بمعايير الجمال و الدقّة، و القدرة على الإيحاء و التّصوير و البحث أمام الخيال، و قد أكثر الشّعراء الملوك و القادة من رسم الصور المتلاحقة لموصوفاتهم التّي استمدّوها من البيئة، فوصفوا ما حولهم من مظاهر الطبيعة و الكون، فكان الوصف مظهراً من مظاهر التعلّق بالوطن و الاعتزاز بطبيعته الغنّاء، و إقباله على مباهج الحياة، و تصويراً لمشاعرهم و تجربتهم القاسية التي عاينوها داخل السّجن، بما فيها من ملامح و خلجات و مواقف جديرة بالاهتمام و التّتبّع. و تتقصّى هذه الدراسة أشعار الملوك و القادة التي أُنشدت في الوصف، فمنها موصوفات أطالوا الوقوف عندها، و نالت من اهتمامهم الحظ الوافر، و نظموا فيها القصائد الطوال، كمظاهر الطبيعة الصامتة التي شكّلت موضوعاً من المواضيع المحبّبة إلى نفوسهم، تحفّزهم على النّظم فيه بطلاقة و تلقائيّة، طبيعة الأندلس الغنّاء، و نفسيّة الأندلسيّ الرقيقة التوّاقة إلى تجليّات الجمال، و صنف آخر من الموصوفات اكتفوا فيه بالوقفة العابرة و اللمحة الخاطفة. و في الجانب الآخر سنقف على تصوير تجربتهم في ظلام السجن بما فيها من مظاهر قهر و عذاب، و مشاهد فراق و حرمان، و نتتبع ملامح الصورة العامة للسجن من خلال معالجتنا للصور الجزئيّة التي رسمها كل شاعر في مواقف مختلفة.