يشكل القطاع المصرفي عصباً رئيسيِّاً في اقتصاد أي دولة نظراً للخدمات الكبيرة التي يوفرها للحياة الاقتصاديِّة في أي مجتمع, فضلاً عن الدور التنموي الكبير الذي يقوم به بصفته محركاً و دافعاً لعجلة التنمية. و كباقي المؤسسات الأخرى تبدو المصارف خاضعة لعنصر المنافسة فيما بينها في مجال منح الائتمان. رافق التطورات الكبيرة التي شهدها القطاع المالي على مستوى العالم و التي تمثلت في التقدم التكنولوجي الهائل في الصناعة المصرفيِّة، و استحداث أدوات ماليِّة جديدة بعض الأزمات المالية، و معظم الأزمات التي شهدها القطاع المالي كانت مشاكل البنوك قاسماً مشتركاً فيها، و أرجع الخبراء ذلك إلى تزايد المخاطر المصرفيِّة و على رأسها المخاطر الناتجة عن الائتمان, و لذلك كان لابد لكل مصرف من وضع ضوابط محددة تضمن له إمكانية التوسع في منح الائتمان مع الحفاظ على المخاطرة ضمن الحدود المقبولة, و هذا ما يتطلب توفر نظام كفوء للتحليل الائتماني. و من هنا فقد سعى الباحث من خلال هذا البحث إلى التركيز على الدراسة الائتمانية التي تجرى في المصرف التجاري السوري و التي تغفل الكثير من الجوانب الهامة التي يتوجب دراستها و التي قد تشكل منطلقاً للخطر الذي يقود بدوره إلى التعثر مستقبلاً, حيث اعتمد الباحث في القسم النظري على المنهج الوصفي لأهم ما ورد في الكتب و المرجعيات المالية و المصرفية, كما تم الاعتماد على الدراسة الميدانية في الجانب العملي للتعرف على واقع الدراسات التي يجريها المصرف التجاري السوري قبل منح القروض و التسهيلات. و هدف الباحث من خلال هذه الدراسة إلى التحقق من وجود نظام معتمد للتحليل الائتماني لدى المصرف التجاري السوري, و مدى كفاءة التحليل الائتماني في المصرف التجاري للحد من حجم المخاطر الائتمانية المرتبطة بمنح القروض. و من أهم نتائج البحث عدم شمولية نظام النظام التحليل الائتماني لدى المصرف التجاري السوري و لاسيما ما يتعلق بالنسب المالية المستخدمة في عملية التحليل, و اعتماد منهج التنويع للتخفيف من المخاطر المرتبطة بمنح الائتمان, و تركيز المصرف على الضمانات العينية و الشخصية من أجل منح القروض, و يغفل التحليل الائتماني التعرف على الغاية من منح القرض و كذلك تاريخ التعاملات المصرفية لطالب الائتمان مع المصارف الأخرى.