يلحظ الباحث في تاريخ الحضارات الشرقية القديمة جانبا جوهريا فيها، و هو الدور المهم الذي قام به المعتقد في تلك الحضارات، إذ كان هو الدافع و الموجه الأساس لها، و ما قدمته للبشرية من إنجازات حضارية متنوعة من سياسية و معمارية و فنية و غيرها خير شاهد على ذلك. كان تأثير المعتقد الديني ظاهرا في ما يتعلق بحياة الانسان، من حيث عبادة عدد من الآلهة التي مثلها و صورها بحس ِب وظيفتها التي اعتقد بها في ذلك العصر، فكانت الأساطير و عوالم الخيال السائدة تشغل باله و تسيطر على أفكاره و نشاطه، و هذا ما تعكسه لنا اللقى الأثرية المختلفة، و من تلك اللقى الأشكال النحتية المتمثلة في الدمى الطينية التي من خلالها عبر عن الآلهة الأنثى أو الآلهة الأم بطريقة عفوية بدائية، فكانت اللغة التي تحدث و عبر بها عن رؤيته و خياله بأسلوبه العفوي بعيدا عن النظريات و الاتجاهات الفنية. و لكن عند قراءتنا و تحليلنا لها نفاجئ بما تتضمنه من قيم تشكيلية و جمالية تتجلى بجمالية التعبير الفني، و بطريقة صياغة الشكل و ربطه بالمضمون الداخلي، و كأن المنفذ على وعي بما يقوم به، مما أضاف إلى قيمتها التاريخية قيمة فنية عالية ربما تضاهي ما نفذه النحات الأكاديمي المعاصر.