تعاقبت على سطح الأرض العديد من الحضارات العريقة، التي تميزت على مستوى البشرية، ودفعت بشعوبها إلى الاستكشاف، والتفكير والتنظيم والاختراع، فالحضارة هي حصيلة جهود الأمم كلها بلا شروط عرقية أو طائفية لقيامها، ويكون التبادل والاحتكاك بين هده الحضارات عن ط
ريق الفتح والهجرة أو التجارة والجوار، والحضارة بجوهرها العام شمس بأنوارها تفجر ينبوع الضوء، ولا تقوم حتى ينسج بساطها ايدٍ كثيرة، كلها تمده بوهج طاقتها، وكلها تستحق الثناء والتقدير عليه.
نهضت الحضارة العربية الإسلامية منذ ظهور الإسلام خاتم الرسائل السماوية، استكمالأ واستمراراً للحضارة العربية القديمة التي كانت الحضارة الأم للحضارات كلها، وعمرت الأرض ولمتها، حتى اصبحت تمثل الرقي في كل جانب من جوانب الحياة، فاحتلت بذلك موقعأ متميزاً بين حضارات العالم، ولعل أبرز صفاتها الصفة الإنسانية التي جعلت شعوبأ من جنسيات مختلفة تنطوي تحت لوائها، فامتدت بشكل موجات من الفتح الحضاري إلى أكثر بقاع العالم.
ارتبط الموقف السياسي في بعضن البلاد العربية مند منتصف الثلاثينيات مز القرن العشرين بالتغيرات التي طرأت على العلاقات الدولية بين القوى السياسية العالمية الكبرى، وبالضعف الذي بدأ من جانب الدول الغربية تجاه اعتداءات القوى النازية والغاشية في ألمانية و
ايطالية.
فقد أسهمت تلك الظروف الدولية في ظهور بعض التشكيلات الوطنية في الشرق العربي التي نمت باتجاه يقوم على التقارب مع الألمان والطليان. ولكن من الملاحظ أن هذه التشكيلات الوطنية العربية لم تتجه إلى المحور إلا بعد أن فشلت في الاتفاق مع بريطانية بشان مشكلة فلسطين و استقلال سورية وتسلح الجيش العراقي، وبدلك لم يكن اتجاهها نحو المحور نابعا من ايمانها بالمبادئ النازية، بل لمحاولة الاستفادة من أطراف النزاع العالمي للحصول على الاستقلال الوطني. وقد جاء هذا التطور ضمن إطار الاستراتيجية الألمانية في المنطقة العربية ونتيجة الدعاية الديماغوجية الهتلرية تجاه الشعب العربي.
باستلام الدكتاتورية النازية السلطة في ألمانية، خلقت الدوائر الرجعية المالية الألمانية الشروط الأساسية للسياسة التوسعية. وقد طمعت النازية الألمانية بتوسيع مناطق السيطرة باتجاه البلاد العربية، حيث كانت دول المنطقة العربية ذات أهمية استراتيجية في خطط ال
حرب المحورية، لما تحتويه من مواد خام هائلة وسوق تصريف هائل من أجل إنتاج دول المحور بالإضافة إلى ذلك فقد كان المحور مهتما بإثارة الوضع السياسي في المنطقة العربية الواقعة تحت السيطرة الفرنسية والبريطانية. ومن أجل ضمان شروط مناسبة لجيش الرايخ الألماني Reichswehr في أوروبة، وجب على إيطالية الفاشية ضمانا للإستراتيجية العالمية النازية الألمانية أن تقود الحرب ضد فرنسة وبريطانية في الشرق العربي. وبالرغم من أنه في بداية الأمر، اتبعت ألمانية وإيطالية خطة مشتركة، إلا أنه في النهاية تابعت ألمانية، إيطالية واليابان أهدافها الخاصة.