ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

يطمح هذا البحث إلى تقديم قراءة جديدة لرسالة الغفران لأبي العلاء المعري, و يحاول من خلال هذه القراءة استثمار معطيات النقد الأدبي الحديث للكشف عن ذخائر النثر العربي القديم الذي لما تزل الدراسات النقدية تنظر إليه بوصفه محتوى لا بوصفه بناء مترفا بغير إشا رة إلى أن ثمة وعيا مبكرا لدى الأدباء العرب الأقدمين بأهمية الشكل, و إلى أن هذا الأخير مكون من مكونات الدلالة في النص.
سعى هذا البحث إلى دراسة مآخذ ابن معقل الأزدي المهلبي "-644ه" على شرح أبي العلاء المعري "-455ه" ديوان المتنبي, الموسوم ب ( اللامع العزيزي ) , في كتابه ( المآخذ على شراح ديوان المتنبي ).
يتناول البحث التعريف بحياة أبي العلاء المعري، و الحديث عن دور الجناس و الطباق في تحقيق الإيقاع الموسيقي الداخلي في شعره، فأبو العلاء لم يلتزم بالمعايير الموسيقية التقليدية بما فيها من الصرامة في وحدة الوزن و القافية فحسب، بل انتقل من مضمارها المعهود إلى ساحة تسيطر عليها جزئيات و تفاصيل دقيقة في سبيل التخطيط لهندسة معمارية داخلية، فأسرف في استعمال الجناس الذي لم يرد في شعره لتحقيق المعنى المراد فحسب، بل لتحقيق الإيقاع الموسيقي بما يقوم عليه من اتفاق في أشياء و اختلاف في أشياء أخرى، كما جمع من خلال الطباق بين حسن الصياغة و فائدة المضمون، فلم يرد الطباق لأجل إيراد الضد فحسب، بل ضمّن كل مطابقة فنّاً بللغياً أو بديعياً، أو شيئاً من الحكمة، مما يجعل القارئ يشعر بالتوافق و التمازج بين الطباق و المعنى الذي يحققه أو الصيغة البلاغية التي يقترن بها.
يعد ابن فورَّجة واحداً من كبار النقّاد النحويين الذين نقدوا شعر المتنبي، إذ حوى نقده أفكاراً ، وآراء نحوية تستحقّ الدراسة ، والاهتمام، وشكّل شعر المتنبي ميداناً خصباً للنقد النحوي من خلال المعركة النقدية التي قامت على شعره ، فحاول ابن فورَّجة من خلا ل حكمه النحوي تدعيم مذهبه ، أو دفع رأي، أو توضيح ما خالف قاعدة موضوعة ، أو الكشف عن مشكل في موضع ما في شعر المتنبي ، خاصّة عند تباين آراء الشرّاح ، واختلاف مذاهبهم وأقوالهم . ولاسيّما عند ابن جنّي . فالشعر كان ، ومايزال ، مصدراً مهماً في بناء القاعدة النحوية ، وإن امتزج في بعض الأحيان بمشكلات الرواة وعدم الدقة في النقل . ومن هنا تعددت الرّوايات والرّواة للشّعر، فشكّلت ظاهرة بارزة تحتاج إلى دراسة ، ومعرفة التأثير الذي يمكن أن تتركه على القواعد النحوية . إذ يعدُّ النحو عنصراً أساساً في ثقافة من اهتمَّ بالشروحات الأدبية ، فكانت هذه الدراسة التي ركزت على جانب مهمّ من جوانب النقد النّحوي الذي طبِّق على شعر المتنبي .
يتناول البحث الحديث عن الصورة الفنية في شعر أبي العلاء المعري من خلال الكناية و المجاز، فأبو العلاء لجأ إلى الكناية لأنو يستطيع من خلالها الابتعاد عن التصريح بالصفة أو ذكر الموصوع، فتنوعت كناياته بين الواضحة و الغامضة، مما يدل على قدرته على استخدام ا لألفاظ و الألغاز في التعبير عن المعاني الكثيرة بألفاظ موجزة. كما ساهم المجاز المرسل في التعبير عن أفكاره و معانيه التي ترجمها على أساس صور مجازية منوعاً في علاقاته التي تربط بين الطرفين.
ارتقى المعري مصاف عليا بمنهجه النقدي للشعر في رسالة الغفران، معتمداً على جملة أسس و مرتكزات، حددت معالم دراسته النقدية؛ في عصرٍ مفعم بالنقاد الجهابذة. و تضمن البحث أبعاد الشخصية النقدية للمعري؛ التي أسهمت في إيجادها مقومات معرفية ثقافية واسعة، إلى جانب المقومات الاجتماعية؛ بما لها من أثر بين في تأسيس نقدٍ واضح، غذَّته مقومات ذاتية، امتلكها المعري فِطرةً و أصالة.
حاول هذا البحث أن يبرز ذلك من خلال الوقوف عند مفهوم الاغتراب و الغربة لغة و اصطلاحاً، ثم كشف مفهوم المعري له. و قد ركز على عوامل الاغتراب و مظاهره في الاغتراب الذاتي كالعمى و الرحلات و اعتزال المجتمع، و بين صداه في شعره، ثم تناول الاغتراب الموضوعي في الشعر كالاغتراب السياسي و الفكري و الثقافي و الديني و الوطني و الاجتماعي رابطاً بينه و بين المكان و الزمان.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا